بادي دلّول
بورتريه ذاتي مع قطّة لا أملكها
“بورتريه ذاتي مع قطّة لا أملكها” هو المعرض الفردي المؤسَّسي الأوّل للفنّان بادي دلّول في دولة الإمارات العربية المتحدة. تمزج أعماله الفنّية بين مقتطفات من حياته الشخصية وروايات شخصيات يقابلها، لتصوّر أبطالاً مغلوبين على أمرهم وأفراد عاديين يشقّون دروبهم ضمن أنظمة مسيطرة تتحكّم بحياتهم. يُعيد دلّول توظيف الأشياء والمواد اليومية كالكتب، وعلب الكبريت، وألعاب الطاولة، والمجلّات، ليخلق بينها حوارات غريبة مدهشة تتجاوز الثقافات والفئات الفنّية. كما يرتقي بسرديات الحياة اليومية ليجعلها ملاحم أسطورية، فيربط بين الثقافات الراقية والبسيطة، والأهمّ من ذلك وعلى نحو غير متوقّع، يربط أحياناً بين الثقافات غير الغربية خارج التصوّرات والمنظور الأوروبي التقليدي.
تحت عنوان “عصر الإمبراطوريات“، يُقدّم الفنّان سلسلة جديدة من خمسين عمل مصنوع على ورق صُمّمت خصيصاً لهذا المعرض، مُستلهَمة من”أونميودو”، دليل تنجيم ياباني من القرن التاسع عشر، يتفكّر في حياة القوّة الإمبراطورية وزوالها. وعلى جدران المعرض، تضمّ سلسلة “علب الكبريت” عشرات الرسومات الصغيرة المؤطّرة بعلب الكبريت، تقدّم لقطات لمشاهد يومية، ونشرات إخبارية، وتطوّرات أحداث سياسية شهدها الفنّان على مرّ السنين، خاصّة في وطنه الأمّ، سوريا. وفي قلب شقّة أعيد تصميمها بحجم أصغر، مستوحاة من الاستوديو الذي يقطنه دلّول في دبي، تتوزّع أعمال صغيرة متعدّدة ترسم خريطة السنوات الخمس الأخيرة من مسيرته الفنّية المتنقّلة، التي حملته بين أرجاء فرنسا، واليابان، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
يستمدّ معرض “بورتريه ذاتي مع قطّة لا أملكها” عنوانه من لوحة بورتريه ذاتية متواضعة رُسمت في طوكيو. ويدفع هذا العنوان بادي دلّول عادةً للتأمّل في حياته الشخصية التي تنعكس بوضوح في أعماله، سواء برسم صور بورتريه ذاتية لنفسه أو عندما يتجسّد في شخصيات أخرى ينصهر معها، متنقّلاً بين الأدوار المتعدّدة داخل أعماله. تُصوّر العديد من أعمال هذا المعرض، وخاصّة تلك التي أُنجزت في اليابان، بورتريهات مؤثّرة لأفراد قابلهم، كانوا مرايا تعكس فيها تجربته الشخصية في الهجرة، كما تتناول تمثيلات العرب وشعوب جنوب آسيا وغربها في الثقافة الشعبية اليابانية.
تزخر كتب بادي دلّول المصنوعة بدقّة يدوياً بكولاجات وكتابات ورسومات تعيد تصوّر السياسات العالمية ومصائر أولئك الذين علِقوا في شباك التاريخ. تعود جذور الكثير من أعماله الفنّية إلى لعبة ابتكرها في طفولته، إذ كان يُنشئ دولاً ذات حدود، وثقافات، وتواريخ السياسية، فكانت انعكاساً لمجريات الأحداث التاريخية التي أثّرت كثيراً في بلده الأم وتاريخ عائلته. تحاكي أعمال الفنّان الواقع، لكنّه يعمَد على تشويهها بتنافر خفيّ، مستخدماً الفكاهة والخيال لزعزعة عملية صنع الحقيقة والتاريخ.
بادي دلّول (مواليد 1986) فنّان وسائط متعدّدة، تمزج أعماله بين الأحداث التاريخية والحقائق الشخصية والخيال، وتغوص في تأمّلات اجتماعية وتاريخية تتعلّق بتراثه وقضايا الهجرة العالمية. يطرح دلّول تساؤلات حول التأريخ وإنتاج المعرفة بمرجعية غربية من خلال استحضار التحدّيات الإقليمية، ويُقيم حواراً بين الأحداث المتخيّلة والواقعية من خلال رسوماته، وأعمال الفيديو، والأعمال التشكيلية، مشكّكاً بذلك في منطق كتابة التاريخ.
أقام بادي دلّول معارض فردية في متحف موري للفنون، طوكيو (2025)؛ متحف: المتحف العربي للفنّ الحديث، الدوحة (2022)؛ ودارة الفنون، عمّان (2019).
يمثّل معرض “بورتريه ذاتي مع قطّة لا أملكها” الفصل الثاني ضمن سلسلة معارض بادي دلّول المتنقّلة “أرض الأحلام”، ليأتي بعد محطته الأولى في متحف موري للفنون بطوكيو (سبتمبر 2024 – يناير 2025، بإشراف وتقييم مارتن جيرمان)، وقبل .محطته القادمة في مركز غولبنكيان للفنّ الحديث بلشبونة (الافتتاح في سبتمبر 2026، بإشراف وتقييم هيلينا دي فرَيتاش)
القيّم الفنّي: لوكاس موران
انـظر جميع الفعاليات